responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 387
وقوله: إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ أَيْ إِنَّمَا يَتَّعِظُ وَيَعْتَبِرُ وَيَعْقِلُ أُولُو العقول السليمة الصحيحة، جعلنا الله منهم.

[سورة الرعد (13) : الآيات 20 الى 24]
الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَمَّنِ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ بِأَنَّ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ، وَهِيَ الْعَاقِبَةُ وَالنُّصْرَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ وَلَيْسُوا كَالْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ إِذَا عَاهَدَ أَحَدُهُمْ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ مِنْ صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، وَإِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَحَاوِيجِ، وَبَذْلِ الْمَعْرُوفِ، وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ أَيْ فِيمَا يأتون وما يذرون من الأعمال، ويراقبون اللَّهَ فِي ذَلِكَ، وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، فَلِهَذَا أَمْرُهُمْ عَلَى السَّدَادِ وَالِاسْتِقَامَةِ فِي جَمِيعِ حَرَكَاتِهِمْ وَسَكَنَاتِهِمْ، وَجَمِيعِ أَحْوَالِهِمُ الْقَاصِرَةِ وَالْمُتَعَدِّيَةِ.
وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ أَيْ عن المحارم والمآثم، ففطموا أنفسهم عنها لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِهِ وَجَزِيلِ ثَوَابِهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ بِحُدُودِهَا وَمَوَاقِيتِهَا وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَخُشُوعِهَا، عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ الْمَرْضِي وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ أَيْ عَلَى الَّذِينَ يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْإِنْفَاقُ لَهُمْ مِنْ زَوْجَاتٍ وَقَرَابَاتٍ وَأَجَانِبَ مِنْ فُقَرَاءَ وَمَحَاوِيجَ وَمَسَاكِينَ سِرًّا وَعَلانِيَةً أَيْ فِي السِّرِّ وَالْجَهْرِ، لَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنْ ذَلِكَ حَالٌ مِنَ الْأَحْوَالِ، آناء الليل وأطراف النهار وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أَيْ يَدْفَعُونَ الْقَبِيحَ بِالْحَسَنِ، فَإِذَا آذَاهُمْ أَحَدٌ قَابَلُوهُ بِالْجَمِيلِ صَبْرًا وَاحْتِمَالًا وَصَفْحًا وعفوا، كقوله تَعَالَى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فُصِّلَتْ: 34- 35] ، وَلِهَذَا قَالَ مُخْبِرًا عَنْ هَؤُلَاءِ السُّعَدَاءِ الْمُتَّصِفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْحَسَنَةِ بِأَنَّ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ.
ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: جَنَّاتُ عَدْنٍ وَالْعَدْنُ الْإِقَامَةُ، أَيْ جَنَّاتُ إِقَامَةٍ يَخْلُدُونَ فِيهَا، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ قَصْرًا يُقَالُ لَهُ عَدْنٌ، حَوْلَهُ الْبُرُوجُ وَالْمُرُوجُ، فِيهِ خَمْسَةُ آلَافِ بَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ خَمْسَةُ آلَافِ حِبْرَةٍ، لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ فِي قَوْلِهِ: جَنَّاتُ عَدْنٍ: مَدِينَةُ الْجَنَّةِ، فِيهَا الرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ وَأَئِمَّةُ الْهُدَى، وَالنَّاسُ حَوْلَهُمْ بَعْدُ وَالْجَنَّاتُ حولها، رواهما ابن جرير [1] .

[1] انظر تفسير الطبري 7/ 376، 377.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 387
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست